********************** من أدب الإسلام في الزّيارات ************************
في الإسلام آداب وفضائل كثيرة، تَدخُلُ في كل شأن من شؤون الحياة، تشمل الكبير والصغير، والرجل والمرأة، والسّفر والحضر...
وقد حضّ الإسلام أتباعه على التّواصل بين بعضهم بعضاً، وجعل في زيارة الأخ لأخيه أجراً كبيراً، وحثّ على صلة الرّحم، وجعلها من أسباب المغفرة. وشرع آداباً للزيارة، تكفل بقاء المودّة بين المسلمين، وترفع الحرج عنهم.
ومن أهمّ هذه الآداب:
1- أدب طَرْقِ الباب على من تَقْصِدُه
إذا طرقت باب أحد تقصده، فدُقَّ الباب دقّاً رفيقاً يعرّفه وجود طارقٍ بالباب، ولا تدقَّه بعنفٍ وشدة، كدقّ الظلَمَة والزبانية فتروّعَه، وتُخلَّ بالأدبِ. وقد كان الصحابة يقرعون باب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأظفار. رواه البخاري في "الأدب المفرد".
وينبغي أن تجعل بين الدقتين زمناً غير قليل. وإذا طرقت ثلاث مرات متباعدة [يكفي الفاصل بين المرّة والأخرى أداء صلاة ركعتين] ووقع في نفسك أنه لو كان غير مشغول عنك لخرج إليك، فانصرف، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً، فلم يؤذن له فلينصرف" رواه البخاري ومسلم.
ولا تقف عند استئذانك أمام فتحة الباب، ولكن خذ يُمْنَةً أو يُسْرَة، فقد "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبله من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر". رواه أبو داود.
2- سُنيّة إعلام الطارق بنفسه بذكر اسمه لمن يطرق عليهم
إذا طرقت باب أحد من إخوانك، فقيل لك: من هذا؟ فقل: فلان (باسمك الذي تُعْرَف به)، ولا تقل: واحد، أو أنا... فإن هذه الألفاظ لا تفيد السائل من خلف الباب مَعْرِفةً بالطّارق، ولا يصح لك أن تعتمد على أن صوتك معروف عند من تطرق عليه، فإن الأصوات تلتبس وتشتبه.
وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم قول الطارق: (أنا)، لأنها لا تفيد شيئاً. روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدققتُ الباب، فقال لي: "من هذا؟" فقلت: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أنا"؟! كأنه كرهها.
3- قبول اعتذار صاحب البيت من الزائر عن استقباله
إذا زرت أحد إخوانك دون موعد، أو على موعد سابق منه، فاعتذر لك عن قبول زيارتك له، فاعذُرْهُ، فإنه أدرى بحال بيته، وكان الإمام مالك يقول : ليس كل الناس يَقْدِرُ أن يتكلّم بعذره.
ولأهمية هذا الأدب، واقتلاع ما قد يعلق ببعض النّفوس من جراء الاعتذار، نص الله تعالى عليه في كتابه الكريم، فقال تعالى: (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ) (النور:28).
4 - أدب الدخول إلى بيت من تزوره، بِغَضِّكَ البصرَ في دخولك...
عندما تستأذن على بيت غيرك لتدخل إليه، حافظ على بصرك من أن يقع على داخل الدار أو عورة فيها، فإن ذلك عيب وإساءة. روى البخاري في "الأدب المفرد": عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرئ أن ينظر إلى جوف بيت حتى يستأذن، فإن فعل فقد دخل". أي إن نظر قبل أن يستأذن، صار في حكم الداخل بلا استئذان! وهو محرّم عليه.
5- أدب الزائر في بيت المَزُوْرِ جلوساً وقَبُولاً لإكرامه
لا تنازع مضيفك أو أخاك في المكان الذي يُجْلِسُكَ فيه من منزله، بل لا تجلس إلا حيث يُجْلِسك، فلعلك -إن جلستَ كما تريد- تجلسُ إلى مكان فيه إطلالٌ على عورة من عورات الدار، أو فيه إحراج لساكنيها، فعليك بامتثال ما يأمرك به مضيفك، واقبل ما يكرمك به أيضاً، ففي خبر إسلام الصحابي الجليل عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه: "أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فأكرمه بالجلوس على وسادة، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض. وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمّن الرجلُ الرجلَ في سلطانه –أي منزله ومكان سلطته - ولا يُقْعَد في بيته على تكْرِمَته إلا بإذنه" رواه مسلم . [والتكرمة: الموضع الخاص لجلوس صاحب البيت من فراش أو سرير أو نحوهما].
6- أدب التصرف في بيت المُضيف، والبعد عن التفحص فيه
إذا دخلت بيت أخيك أو صديقك، وأقعدك فيه، أو أنامَك فيه، فلا تَتَفَقَّدْهُ ببصرك تفقُّدَ الفاحص الممحِّص، بل غُضَّ بصرك في أثناء قعودك أو منامك فيه، قاصراً نظرك على ما تحتاج إليه فحسب، ولا تفتح مُغْلقاً من خزانة، أو صندوق..
7- أدب اختيار الوقت للزيارة ومدتها وأدب الزائر مع المزور
وينبغي أن تتخيّر الوقت الملائم للزيارة، وأن تجلس المدة المناسبة التي تتلاقى مع مقامك عند المَزُور، ومع الحال التي هو عليها، فلا تُطلْ، ولا تُثْقل، ولا تأتِ في وقتٍ غير ملائم لزيارته، كوقت الطعام أو النّوم أو الرّاحة أو السّكون.
8- أدب الجلوس في بيت المضيف مع الزائرين
إذا دخلت مجلسا فلا تجلس بين جليسين ، ولكن خذ ناحيتهما يميناً أو يساراً، فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُجْلَسُ بين رجلين إلا بإذنهما". رواه أبو داود .
مع تمنياتي لكم بلتوفيق اخوكم :سكـرس (الجوهي)